كما أن لكل نجاح أسبابه فإن لكل تعثر أسبابه كذلك، في هذا المقال سنتناول أهم الأخطاء التي يرتكبها مالكو المتاجر الإلكترونية والعاملون فيها.
خلال مسيرتي الممتدة لما يفوق عشر سنوات في مجال التسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية صادفت الكثير من العاملين في التجارة الإلكترونية والذين يرتكبون أخطاء متنوعة، لكن وحسب ما رأيته فإن أكبر مشكلة واجهت هؤلاء هي مشكلة الحماسة التي تفتقد للمعرفة.
فالكثير منهم كان يملك طاقة رائعة وتفاؤلا وإمكانيات جيدة سواء من الناحية المالية أو البشرية، إلا أنهم كانوا يفتقدون للمعرفة بعدد كبير من الأساليب التسويقية والأدوات الرقمية التي لا غنى عنها لأي عامل في هذا المجال.
في السطور القادمة سأستعرض معك أبرز الأخطاء التي تواجه العاملين في هذا المجال فشد حزامك وهيا بنا.
أولا- خطة عمل بلا أهداف واضحة:
لا يتوقف نجاح الشركة على تحقيق هدف المبيعات المحدد إن لم يترافق ذلك بالنمو، لأن الحفاظ على مستوى معين من المبيعات في سوق متزايد الطلب والمنافسين يعد تسارعا عكسيا، ففي يوم ما ستجد الشركة نفسها وقد تراجعت على سلم الشركات أو المتاجر الرائدة لأن المنافسين يتقدمون بينما هي لا.
انطلاقا مما سبق يصبح مراقبة مؤشرات النمو في حملاتك الإعلانية وفي تقارير المبيعات أمرا لا مفر منه لإنه يشكل المؤشر الحقيقي على النجاح وليس المبيعات من تفعل.
ثانيا- يقدم متجرك منتجا رائعا لكن تغليفه سيء:
لو كنا نعيش في عام 2000 لكانت هذه الجملة بلا معنى لكن في زمننا هذا أصبح لهذا الأمر أهمية كبرى، لعلك تستغرب ذلك لكن سأوضح لك القصد.
لا تنبع أهمية التغليف الجيد من نقطة ارضاء العميل فقط بل تتعداها لنقطة أخرى أهم بكثير وهي رفع الوعي بعلامتك التجارية، ارجوك لا تستخف بالأمر فمعركة العلامة التجارية أكبر وأشد من معركة المبيعات بين الشركات الكبيرة، لذلك يغدو التغليف كواحدة من الممارسات الأساسية التي يمكنك اتباعها لتمييز علامتك التجارية وترسيخ الوعي بها.
ثالثا- تملك علامة تجارية رائعة لكن جمهورك المستهدف خاطئ:
ذكرت هذا الأمر كثيرا من قبل، امتلاكك لعلامة تجارية محببة ومنتج مميز وإمكانات جيدة لا يعني أنك ستنجح إن لم يقترن ذلك بسوق أو فئة مستهدفة صحيحة ؟!!
لنفترض انك تبيع ساعات فاخرة بسعر متوسط وبأقل من سعر المنافسين الآخرين، ولنفترض انك تملك علامة تجارية معروفة مثل رولكس، الآن حان وقت الاعلان، لنفترض أنك قمت بحملة إعلانية كبيرة استهدفت فيها شريحة واسعة وصرفت عليها مبلغا جيدا من المال لكن في النهاية لم تحقق الكثير من المبيعات فقررت القيام باستطلاع للرأي فقمت بنشر بوست تطلب فيه رأي العملاء ووجدت أن معظم التفاعلات كانت إيجابية!!
ما المشكلة إذا لماذا لا يشترون؟!
حسنا، ليست المشكلة في أن منتجك رديء فمن منا لا يحب ارتداء ساعة فاخرة، سواء كان الشخص بحالة مادية سيئة أو ميسورة أو ممتاز فإنه سيحب ارتداء ساعة فاخرة من ساعاتك، وحتى عندما قمت باستطلاع على صفحتك لمعرفة آراء الناس وجدت أن تفاعلاتهم إيجابية لأن مشكلتهم أساسا ليست في منتجك بل مشكلتهم هي عدم قدرة غالبيتهم على الحصول على منتجك.
رابعا- تشتيت الجهود التسويقية :
واحدة من أكثر الأخطاء التي تقع فيها المتاجر الإلكترونية هو تشتيت الجهود التسويقية بين القنوات التسويقية المختلفة، فتجدهم يقومون بحملات في قنوات قد لا يكون جمهورهم متواجد بها، ما يستلزم جهدا أكبر ويدا عاملة أكثر وميزانية أكبر.
نصيحتي لك، قم بالتركيز على ثلاث قنوات تسويقية كحد أقصى ووجه جهودك كلها لها، ولا توهم نفسك بأن التواجد في كل مكان يعود عليك بالنفع دائما.
خامسا- التركيز على جلب عملاء جدد:
من الجيد بالتأكيد الحصول على عملاء جدد دوما، ومن المبرر قيام العلامات التجارية والمتاجر الإلكترونية بالبحث عن أسواق جديدة لتوسيع قاعدة عملائها، لكن لا تدع ذلك الأمر ينسيك عميلك الحالي، ماذا لو أخبرتك أن صرف دولار واحد على عميلك الحالي ذو الولاء لك يكافئ صرف ٩ دولار على الحصول على عميل جديد ذو ولاء،وماذا لو أخبرتك أن زيادة صرفك على عملائك الحاليين بمقدار 4% يكافأه زيادة المبيعات بنسبة 19%، هذه الأرقام وردت في تقرير لمؤسسة BIQ عن أهمية التركيز على العملاء الحاليين بدلا من السعي للحصول على عملاء جدد.
خلاصة الامر، قد يكون نجاحك متوقفا على فعل صغير تقوم به أو لا تقوم به لذلك عليك دوما تقييم خططك وتقييم تنفيذها ثم تقويمها إن لزم.
هذه النقاط الخمس هي أبرز ما يقع فيه أصحاب المتاجر الإلكترونية، ورغم وجود أخطاء أخرى أكثر انتشارا إلا أنها أقل ضررا وهذا ما جعلني أركز على الأخطاء المنتشرة إلى حد ما وذات الضرر الكبير.
إن كنت واحدا من الأشخاص الذين يقعون في هذه الأخطاء فأرجو أن يكون هذا المقال بداية مسيرة تصحيح عملك، وان كنت ممن لا يقعون في هذه الأخطاء فدعني أقدم لك تهنئة كبيرة من جهة ونصيحة من جهة ثانية، إياك والظن بأنك تقوم بعمل صحيح دوما لأن من يقوم بالعمل الصحيح يعتقد بشكل دائم أن لديه مجالا للتحسن وهو ما يجعله دوما في مصاف المتميزين والناجحين. أما أولئك الذين يعتقدون بوصولهم للكمال فأولئك هم الأسرع انحدار والأكثر تأثرا بالمتغيرات الصغيرة أو الكبيرة.